الحَبُّ الذي وقع في الأرض الجيّدة هم الذين يسمعون كلمة الله بقلب جيّد صالح، فيحفظونها ويثبتون فيثمرون (لو8: 15
1. الكنيسة مبنية على كلمة الله. ونحن أبناؤها وبناتها نولد من هذه الكلمة ونحيا بها، فتعطينا "شكلنا" المسيحي وهويتنا، وهي لنا ينبوع التجدّد الدائم، وتحتلّ موقع القلب لكل عمل ونشاط في الكنيسة والمجتمع. فيشبّهها الرب يسوع في مثل إنجيل اليوم بحَبّ الزرع "الذي يقع في الأرض الجيدة، فينبت ويثمر مئة ضعف"(لو8: 8). ويدعونا لنكون بعقولنا وضمائرنا وإراداتنا وقلوبنا، مثل الأرض الجيدة "نسمع كلمة الله فنحفظها ونثبت فيها ونثمر"(لو8: 15). على هذه النيّة نصلّي في ذبيحتنا الإلهية هذه
2. يسعدنا أن نرحّب بكم، أنتم الآتون من مختلف البلدات والمناطق. ونرفع صلاة الشكر معاً لله على الزيارة الراعوية التي قمنا بها خلال الأسبوع المنصرم إلى محافظة عكار. نشكره تعالى على الثمار التي نتجت منها، وعلى شعبنا اللبناني الطيّب المقيم عليها، الذي يمتاز بعيشه الواحد مسيحيين ومسلمين، وتضامنه وتعاونه، وبخصاله الإنسانية والأخلاقية والإجتماعية البارزة في الإيمان بالله وكرم النفس وطيبة القلب وسخاء اليد، والذي يتحلّى بالروح الوطنية المترجمة بالولاء للبنان ولمؤسساته الدستورية، وبتقديم خيرة شبابه لمؤسسة الجيش وللمؤسسات الأمنية والعسكرية الأخرى، فضلاً عن شخصيات مرموقة طبعت بقيَمها المجلس النيابي والحكومة والمؤسسات العامّة. ويطيب لنا أن نذكر سلفاً لنا هوالبطريرك موسى العكّاري، ابن البارده في عكار(1524-1567) الذي دامت خدمته البطريركية 43 سنة، وكان بعمر 42 سنة عندما انتُخب بطريركاً. تميَّزت بطريركيّته بتوثيق العلاقات بين الكنيسة المارونية والكرسي الرسولي، والدفاع عن الموارنة بوجه الظلم، من خلال اتصالات وعلاقات مع البابوات الستة الذين عايشهم، والملوك والسلاطين، في كل من لبنان وقبرص والقدس. وفي عهده كان الإنتشار الماروني في كسروان والمتن والشوف والجنوب
وأودُّ الإعراب عن شكرنا وامتناننا لسيادة المطران جورج بوجوده رئيس أساقفة طرابلس، ولسيادة المطران باسيليوس منصور متروبوليت عكار وتوابعها للروم الأرثوذكس والكهنة والرهبان والراهبات، ولأصحاب السماحة والفضيلة المشايخ المحترمين، وللسادة النواب واتحاد البلديات ورؤسائها ومجالسهم والمخاتير ومجالسهم، وللأحزاب والتيارات السياسية، وللرعايا، كهنة ولجاناً وأخويات ومنظمات وحركات رسولية وكشافة وموسيقى ومؤمنين ومؤمنات. نشكرهم على حفاوة الإستقبال وعلى اليافطات والصور والأَعلام وأقواص النصر والهدايا التذكارية، وعلى الكلمات الجميلة والغنية بمضمونها، وعلى انتظاراتهم الطويلة تحت الشمس. نسأل الله أن يُكافئهم بفيض من نعمه الإلهية الروحية والزمنية
ونجدِّد في يوم الفطر السعيد، لإخواننا المسلمين في لبنان وسائر البلدان أطيب التهاني والتمنيات، راجين ببركة العيد، أن تكون كلمة الله هي الهادية إلى السلام والعدالة وخير كل إنسان وشعب
3. لكننا شعرنا بمعاناة عكار وشعبها، بسبب الفقر المنتشر، والحرمان المتّسع، والحاجة إلى مزيد من عناية الدولة على الصعيد الإقتصادي والإجتماعي والإداري. فالمحافظة تحتاج إلى محافظ وإدارات، والزراعة والصناعة والخدمات العامّة تحتاج إلى دعم، والمنطقة إلى إنماء متوازن مع سواها من المناطق. إننا معهم نناشد الدولة والمسوؤلين إيلاء عكار العناية اللازمة المحقّة والواجبة. ولقد ثمّنَّا ما تقوم به المؤسسات العامّة والخاصّة على هذا المستوى، وقدَّرنا حضور المؤسسات الكنسية، على مستوى الرعايا والرهبانيات، والخدمات التي تؤدّيها على المستوى الروحي والاجتماعي والتربوي والاستشفائي والصحّي والانمائي. نأمل أن يتضاعف النشاط على هذه المستويات، مساهمة متزايدة من قِبَل الكنيسة في ترقّي عكار وازدهارها وإنمائها، حفاظاً على خزّان شعبها وقيمه
4. إنَّ كلمة الله، المُشبّهة بِحَبِّ الزرع، كلمة حيّة، هي انجيل الله للانسان، لكي يلتقى المسيح بالايمان، ويدخل في شركة مع الله الواحد والثالوث
بكلمة الله ينكشف لنا سرّ الله الذي ينقل لنا ذاته بكلمته، وقد صارت بشراً، إسمها في التاريخ يسوع المسيح(يو1: 14). هذه هي البشرى السّارّة التي تحملها الكنيسة للعالم. فيُطلب من جميع المسيحيين أن يعيشوا لقاءهم الشخصي والجماعي بالمسيح، كلمة الحياة، ويكونوا المُخبرين بجمال هذا اللقاء بالكلمة والعمل وشهادة الحياة، والعاملين على إدراج مبادئ الانجيل في ثقافات بلدانهم وطبع شؤونهم الزمنية بقيمها، بحيث تبلغ هبة الحياة الالهية، وشركة الاتحاد مع الله والوحدة مع جميع الناس، الى العالم بأسره(البابا بندكتوس السادس عشر: الإرشاد الرسولي "كلمة الرب"، فقرة 1 و 2
إنَّ الكنيسة تولد من كلمة الله، وابناءها وبناتها يأخذون منها "شكل" هويتهم ووجههم، ويعيشون من غذائها، ويستنيرون بنورها، ويصمدون برجائها. إنَّ وجود المسيحيين في بلدان الشرق الاوسط، وهو وجود يرقى الى عهد المسيح الرب والرسل، وقد طبع بثقافة الانجيل ثقافات شعوب المنطقة، إلى جانب إدراج قيَم الحداثة في حياتهم الاجتماعية. فيُنتظر من مسيحيي لبنان وبلدان الشرق الاوسط أن يُواصلوا دورهم اليوم، أكثر من أي وقتٍ مضى، بحيث تكون كلمة الله الانجيلية أساس التزامهم في بلدانهم ومجتمعاتهم. فالكلمة الإلهية تُنير الوجود البشري، وتدعو ضمير كل واحد ليعيد النظر وبعمق في مجرى حياته، ذلك أنَّ تاريخ البشرية كلَّه خاضعٌ لحكم الله. والانجيل يُذكِّر الجميع أنَّ كل لحظة من وجودنا مُهمّة، وينبغي أن تُعاش بوعي، علماً أنَّ على كلِّ واحدٍ منّا أن يقف أمام الله، في مساء الحياة، ويؤدّيَ حساباً عن حياته(الارشاد الرسولي: كلمة الرب، 99). هذا يعني أنَّ أي اعتداء على حياة أي إنسان جريمة أمام الله وإساءة له. هذا هو الموقف المسيحي الانجيلي الرافض للعنف والحرب والقتل بالمطلق. والكنيسة ترفع هذا الصوت الرافض لكل ما يجري في بلدان هذه المنطقة من عنف وحرب ومدٍّ بالسلاح والمال لهذه الغاية
5. يحذِّرنا الرب يسوع، في المثل الانجيلي، من ثلاثة مواقف سلبية، لا يحق لنا ان نتخذها عند سماعنا كلمة الله.
الموقف الأول، الاهمال وعدم الاكتراث المشبّه بجانب الطريق الذي يقع عليه الحَبّ. فكما الطير يأكل هذا الحَب، كذلك الشيطان ومغريات الحياة والتجربة أيةً كانت تنتزعه فور سماعه. ما يعني أنَّ سامع الكلمة لا يعطيها أية أهمية وأي اكتراث، بل يهملها ويستغني عنها.
الموقف الثاني، السطحية التي تشبه الصخرة الواقع عليها الحَب، حيث لا أصل له فييبس للحال. هكذا مَن يسمع الكلمة ولا يمتلك عمقاً روحيّاً من الصلاة والانفتاح لكلام الله، ولا عنده السعي لمعرفته واكتشاف إرادته، ولا يترقب تجليات مشيئته، فلا تخرق الكلمة قلبه وعقله وإرادته، ولا تحدث صدى في أعماق ضميره.
الموقف الثالث، إعطاء الاولوية لشؤون الدنيا. هذا الموقف يشبه أرض الشوك حيث وقع الحب، فنبت الشوك وخنقه. هذه حال الذين يسمعون كلمة الله، لكن الهموم والغنى وملذات الحياة تحتل الاولوية في تفكيرهم وتصرفاتهم وتعاطيهم. فتفقد الكلمة كل قيمتها وفاعليتها، فلا تثمر عندهم.
6. إن الكنيسة لا تنفكّ تزرع كلمة الله بكل الطرق والوسائل، وفي كل الأوقات والظروف والحالات، وفيها الرجاء الكبير أنه يوجد قلوب صافية مستعدة لقبول هذه الكلمة. ولا يغيب عن بالها قول بولس الرسول: "الايمان من السماع. فكيف يؤمنون إن لم يسمعوا اولاً. وكيف يسمعون من دون مبشِّر؟"(روم10: 14). إعلان الانجيل واجب على الكنيسة، لأنَّ من حقِّ كل إنسان أن يسمع هذا الانجيل، وهو كما قلنا انجيل الله للإنسان. ألم يقل بولس الرسول: "الكرازة بالانجيل واجب عليّ، والويل لي إن لم أبشّر!"(1كور9: 16). فالانجيل، كلمة الله المتجسّد، يحرِّر ويخلّص، لأنه إنجيل محبّة الله لنا، ودعوة للمشاركة في حياة الله الآب بالمسيح وفعل الروح القدس(اداة العمل لسينودس: الاعلان الجديد للانجيل من اجل نقل الايمان المسيحي، 28 و 33).
نُصلّي اليوم لكي يجعلنا الله أرضاً جيّدة، نقبل كلامه نوراً لعقولنا، وقوّة لإراداتنا، ومحبة لقلوبنا، فيصير كلام الله ثقافة مسيحية وحضارة حياة، تكون تمجيداً وشكراً للآب والابن والروح القدس الى الأبد، آمين.
2. يسعدنا أن نرحّب بكم، أنتم الآتون من مختلف البلدات والمناطق. ونرفع صلاة الشكر معاً لله على الزيارة الراعوية التي قمنا بها خلال الأسبوع المنصرم إلى محافظة عكار. نشكره تعالى على الثمار التي نتجت منها، وعلى شعبنا اللبناني الطيّب المقيم عليها، الذي يمتاز بعيشه الواحد مسيحيين ومسلمين، وتضامنه وتعاونه، وبخصاله الإنسانية والأخلاقية والإجتماعية البارزة في الإيمان بالله وكرم النفس وطيبة القلب وسخاء اليد، والذي يتحلّى بالروح الوطنية المترجمة بالولاء للبنان ولمؤسساته الدستورية، وبتقديم خيرة شبابه لمؤسسة الجيش وللمؤسسات الأمنية والعسكرية الأخرى، فضلاً عن شخصيات مرموقة طبعت بقيَمها المجلس النيابي والحكومة والمؤسسات العامّة. ويطيب لنا أن نذكر سلفاً لنا هوالبطريرك موسى العكّاري، ابن البارده في عكار(1524-1567) الذي دامت خدمته البطريركية 43 سنة، وكان بعمر 42 سنة عندما انتُخب بطريركاً. تميَّزت بطريركيّته بتوثيق العلاقات بين الكنيسة المارونية والكرسي الرسولي، والدفاع عن الموارنة بوجه الظلم، من خلال اتصالات وعلاقات مع البابوات الستة الذين عايشهم، والملوك والسلاطين، في كل من لبنان وقبرص والقدس. وفي عهده كان الإنتشار الماروني في كسروان والمتن والشوف والجنوب
وأودُّ الإعراب عن شكرنا وامتناننا لسيادة المطران جورج بوجوده رئيس أساقفة طرابلس، ولسيادة المطران باسيليوس منصور متروبوليت عكار وتوابعها للروم الأرثوذكس والكهنة والرهبان والراهبات، ولأصحاب السماحة والفضيلة المشايخ المحترمين، وللسادة النواب واتحاد البلديات ورؤسائها ومجالسهم والمخاتير ومجالسهم، وللأحزاب والتيارات السياسية، وللرعايا، كهنة ولجاناً وأخويات ومنظمات وحركات رسولية وكشافة وموسيقى ومؤمنين ومؤمنات. نشكرهم على حفاوة الإستقبال وعلى اليافطات والصور والأَعلام وأقواص النصر والهدايا التذكارية، وعلى الكلمات الجميلة والغنية بمضمونها، وعلى انتظاراتهم الطويلة تحت الشمس. نسأل الله أن يُكافئهم بفيض من نعمه الإلهية الروحية والزمنية
ونجدِّد في يوم الفطر السعيد، لإخواننا المسلمين في لبنان وسائر البلدان أطيب التهاني والتمنيات، راجين ببركة العيد، أن تكون كلمة الله هي الهادية إلى السلام والعدالة وخير كل إنسان وشعب
3. لكننا شعرنا بمعاناة عكار وشعبها، بسبب الفقر المنتشر، والحرمان المتّسع، والحاجة إلى مزيد من عناية الدولة على الصعيد الإقتصادي والإجتماعي والإداري. فالمحافظة تحتاج إلى محافظ وإدارات، والزراعة والصناعة والخدمات العامّة تحتاج إلى دعم، والمنطقة إلى إنماء متوازن مع سواها من المناطق. إننا معهم نناشد الدولة والمسوؤلين إيلاء عكار العناية اللازمة المحقّة والواجبة. ولقد ثمّنَّا ما تقوم به المؤسسات العامّة والخاصّة على هذا المستوى، وقدَّرنا حضور المؤسسات الكنسية، على مستوى الرعايا والرهبانيات، والخدمات التي تؤدّيها على المستوى الروحي والاجتماعي والتربوي والاستشفائي والصحّي والانمائي. نأمل أن يتضاعف النشاط على هذه المستويات، مساهمة متزايدة من قِبَل الكنيسة في ترقّي عكار وازدهارها وإنمائها، حفاظاً على خزّان شعبها وقيمه
4. إنَّ كلمة الله، المُشبّهة بِحَبِّ الزرع، كلمة حيّة، هي انجيل الله للانسان، لكي يلتقى المسيح بالايمان، ويدخل في شركة مع الله الواحد والثالوث
بكلمة الله ينكشف لنا سرّ الله الذي ينقل لنا ذاته بكلمته، وقد صارت بشراً، إسمها في التاريخ يسوع المسيح(يو1: 14). هذه هي البشرى السّارّة التي تحملها الكنيسة للعالم. فيُطلب من جميع المسيحيين أن يعيشوا لقاءهم الشخصي والجماعي بالمسيح، كلمة الحياة، ويكونوا المُخبرين بجمال هذا اللقاء بالكلمة والعمل وشهادة الحياة، والعاملين على إدراج مبادئ الانجيل في ثقافات بلدانهم وطبع شؤونهم الزمنية بقيمها، بحيث تبلغ هبة الحياة الالهية، وشركة الاتحاد مع الله والوحدة مع جميع الناس، الى العالم بأسره(البابا بندكتوس السادس عشر: الإرشاد الرسولي "كلمة الرب"، فقرة 1 و 2
إنَّ الكنيسة تولد من كلمة الله، وابناءها وبناتها يأخذون منها "شكل" هويتهم ووجههم، ويعيشون من غذائها، ويستنيرون بنورها، ويصمدون برجائها. إنَّ وجود المسيحيين في بلدان الشرق الاوسط، وهو وجود يرقى الى عهد المسيح الرب والرسل، وقد طبع بثقافة الانجيل ثقافات شعوب المنطقة، إلى جانب إدراج قيَم الحداثة في حياتهم الاجتماعية. فيُنتظر من مسيحيي لبنان وبلدان الشرق الاوسط أن يُواصلوا دورهم اليوم، أكثر من أي وقتٍ مضى، بحيث تكون كلمة الله الانجيلية أساس التزامهم في بلدانهم ومجتمعاتهم. فالكلمة الإلهية تُنير الوجود البشري، وتدعو ضمير كل واحد ليعيد النظر وبعمق في مجرى حياته، ذلك أنَّ تاريخ البشرية كلَّه خاضعٌ لحكم الله. والانجيل يُذكِّر الجميع أنَّ كل لحظة من وجودنا مُهمّة، وينبغي أن تُعاش بوعي، علماً أنَّ على كلِّ واحدٍ منّا أن يقف أمام الله، في مساء الحياة، ويؤدّيَ حساباً عن حياته(الارشاد الرسولي: كلمة الرب، 99). هذا يعني أنَّ أي اعتداء على حياة أي إنسان جريمة أمام الله وإساءة له. هذا هو الموقف المسيحي الانجيلي الرافض للعنف والحرب والقتل بالمطلق. والكنيسة ترفع هذا الصوت الرافض لكل ما يجري في بلدان هذه المنطقة من عنف وحرب ومدٍّ بالسلاح والمال لهذه الغاية
5. يحذِّرنا الرب يسوع، في المثل الانجيلي، من ثلاثة مواقف سلبية، لا يحق لنا ان نتخذها عند سماعنا كلمة الله.
الموقف الأول، الاهمال وعدم الاكتراث المشبّه بجانب الطريق الذي يقع عليه الحَبّ. فكما الطير يأكل هذا الحَب، كذلك الشيطان ومغريات الحياة والتجربة أيةً كانت تنتزعه فور سماعه. ما يعني أنَّ سامع الكلمة لا يعطيها أية أهمية وأي اكتراث، بل يهملها ويستغني عنها.
الموقف الثاني، السطحية التي تشبه الصخرة الواقع عليها الحَب، حيث لا أصل له فييبس للحال. هكذا مَن يسمع الكلمة ولا يمتلك عمقاً روحيّاً من الصلاة والانفتاح لكلام الله، ولا عنده السعي لمعرفته واكتشاف إرادته، ولا يترقب تجليات مشيئته، فلا تخرق الكلمة قلبه وعقله وإرادته، ولا تحدث صدى في أعماق ضميره.
الموقف الثالث، إعطاء الاولوية لشؤون الدنيا. هذا الموقف يشبه أرض الشوك حيث وقع الحب، فنبت الشوك وخنقه. هذه حال الذين يسمعون كلمة الله، لكن الهموم والغنى وملذات الحياة تحتل الاولوية في تفكيرهم وتصرفاتهم وتعاطيهم. فتفقد الكلمة كل قيمتها وفاعليتها، فلا تثمر عندهم.
6. إن الكنيسة لا تنفكّ تزرع كلمة الله بكل الطرق والوسائل، وفي كل الأوقات والظروف والحالات، وفيها الرجاء الكبير أنه يوجد قلوب صافية مستعدة لقبول هذه الكلمة. ولا يغيب عن بالها قول بولس الرسول: "الايمان من السماع. فكيف يؤمنون إن لم يسمعوا اولاً. وكيف يسمعون من دون مبشِّر؟"(روم10: 14). إعلان الانجيل واجب على الكنيسة، لأنَّ من حقِّ كل إنسان أن يسمع هذا الانجيل، وهو كما قلنا انجيل الله للإنسان. ألم يقل بولس الرسول: "الكرازة بالانجيل واجب عليّ، والويل لي إن لم أبشّر!"(1كور9: 16). فالانجيل، كلمة الله المتجسّد، يحرِّر ويخلّص، لأنه إنجيل محبّة الله لنا، ودعوة للمشاركة في حياة الله الآب بالمسيح وفعل الروح القدس(اداة العمل لسينودس: الاعلان الجديد للانجيل من اجل نقل الايمان المسيحي، 28 و 33).
نُصلّي اليوم لكي يجعلنا الله أرضاً جيّدة، نقبل كلامه نوراً لعقولنا، وقوّة لإراداتنا، ومحبة لقلوبنا، فيصير كلام الله ثقافة مسيحية وحضارة حياة، تكون تمجيداً وشكراً للآب والابن والروح القدس الى الأبد، آمين.